وقفات في ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من غزة
إبراهيم المدهون
تحتفل فلسطين عامة وغزة خاصة بالذكرى 17 لتحرير غزة، هناك من يظن أن ما حدث مجرد إعادة انتشار للاحتلال، وهو أكثر من ذلك فهو اندحار قوة غاشمة أدركت أن ثمن عدوانها واحتلالها أكثر كلفة بكثير من ثمن رحيلها فرحلت، باتت تتجرع الموت والخوف والاضطراب والقنص والتفجير طالما هي على أرض غزة ففرت.
ذكرى الاندحار من غزة نموذج حي أن المقاومة الفعالة والمركزة تجبر الاحتلال على التراجع والانكفاء، قال شارون قبل الاندحار بعامين نتساريم كتل ابيب وبعدها ترك نتساريم، فلا طاقة للمستوطنين والجنود، لتحمل تبعات الموت والهاونات وصواريخ القسام.
لهذا اندحار الاحتلال إنجاز لشعبنا الصامد ومقاومته الباسلة الانسحاب الإسرائيلي من غزة لا يزال يمثل متكأ قوة للمقاومة، مهما حاول الاحتلال تبهيته بفرض حصار مطبق على القطاع، فما حدث بسيف القدس والعصف المأكول ووفاء الاحرار وحد السيف وغيرهم من الجولات يؤكد أن انسحاب الاحتلال من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة من جهة، ومن قلقه الديموغرافي أيضًا، حيث إن تفوق السكان الفلسطينيين بات يفوق الإسرائيليين في فلسطين المحتلة كما ونوعا.
لا نهمل أن الاحتلال استغل ضعف الحالة العربية والسلطة الفلسطينية وعدم استثمارها لحالة الانسحاب، ففرض حصارًا مشددًا على غزة، ولهذا أساليب الاحتلال باتت أضعف لأنه لم يعد يستطيع وحده مقاومة ثورة الشعب الفلسطيني، وبات يستعين بالقوى الدولية والإقليمية بتشديد الحصار ويهرب للتطبيع.
تحرير قطاع غزة نقطة مفصلية هيأت البيئة لقيام أول قاعدة للمقاومة على أرض فلسطينية.
واستثمار حماس الكبير في المقاومة، أوصل الجيش الإسرائيلي إلى قناعة أنه لا حل عسكري مع غزة، وأجبره على تبني استراتيجية دفاعية للتصدي لأدوات حماس الهجومية كالأنفاق والصواريخ والضفادع والمُسيرات، ووقف في معركة سيف القدس يدافع عن تل ابيب التي عاشت سبع ليال حسوما تتلقى صواريخ القسام المنهمرة.
علينا إدراك أن تحرير القطاع هو نتاج الفعل المقاوم في الضفة والقطاع والقدس، خطة العدو كانت ستستكمل بالانطواء عن أجزاء كبيرة من الضفة، لكن جملة اعتبارات أوقفت ذلك أهمها:فوز حماس في الانتخابات، دخول شارون في غيبوبته، ضعف أولمرت، وسياسات الرئيس عباس وتبنيه لخطة دايتون الأمنية.
في ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من غزة يمكن تكرار التجربة في الضفة الغربية، وما عملية سجن جلبوع وثورة الأقصى والبوابات ووهج ابراهيم النابلسي وعملية رعد خازم وعشرات العمليات الفردية، ومن قبل انتفاضة القدس والسكاكين، كل هذا يبشرنا أننا على موعد قريب من تحرير الضفة، واندحار الاحتلال منها كما اندحر من غزة في 2005.