بقلم /د/إبراهيم المدهون محلل سياسي
ما زالت عملية حد السيف مستمرة، فهي صراع استخباراتي مكثف بين “إسرائيل” وكتائب القسام، فبعد أشهر من استشهاد المقدام نور بركة وكشف فرقة “سيرت متكال” تم استقالة قادة كثر في وحدة الاستخبارات الإسرائيلية على خلفية الإخفاق المتمثل في قتل وإصابة ثم كشف وفضح هذه المجموعة، وهذا يعد إنجازا للمقاومة، يستثمر ويراكم عليه ويستفاد منه.
مع العلم تطور حماس من أداوتها الاستخباراتية والأمنية وصنعت سياجا أمنيا، بالإضافة إلى السياج العسكري، يمنع الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ عملياته في قطاع غزة بسهولة وبيسر دون تكلفة، لذلك أصبحت أي عملية إسرائيلية سواء عسكرية أو أمنية مكلفة للاحتلال الإسرائيلي، وتزيد من درجة الخطورة، فشكلت حد السيف هزة لجيش العدو واستخباراته، فلم تتوقف تداعياتها، واستمرت الاستقالات تتواصل، هروبا من هذا الإخفاق، الذي يعتبر ضربة حقيقية في قلب العمل النوعي الاستخباراتي والأمني والعسكري الصهيوني.
من المعروف أن المعادلة الأمنية الإسرائيلية قائمة على العمليات النوعية في أي مكان بالعالم، دون تكلفة مادية ومعنية وانكشاف، وهذا ما تمكنت كتائب القسام من إجهاضه في غزة، فالاحتلال لا يستطيع تنفيذ أي عملية اليوم، دون دفع ثمن مرتفع جدا، وفي كل محاولة له يعرض جيشه لخطر القتل والأسر والإصابة، ويعرض أفراد جهازه الاستخباري للكشف والملاحقة، وربما وقوع تقنيات تكنولوجية هامة وخطيرة بيد المقاومة.
صراع العقول
الجديد في المشهد ليس تراجع العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، فهو في تقدم مستمر، ولكن تطور بنية المقاومة الاستخباراتية، فقد طورت كتائب القسام اليوم من عملها الاستخباراتي الأمني، وتستثمر العقول الفلسطينية في تصنيع أدوات تفيدها في الصراع، وتجمع المعلومات وتحللها بمهنية وتفوق، وتصد أي اختراق يحاول الاحتلال إحداثه، فيكشف ويلاحق.
وابتكرت العقول الفلسطينية في كتائب القسام منظومة أمنية تقرأ بدقة تحركات الاحتلال وتسد الثغرات، وفي الوقت ذاته، فإن هناك قوة قادرة على الرد بسيف حاد على الاحتلال، وتكلفة مواجهته بكفاءة عالية لا تقل عن اكثر الجيوش خبرة وتقدما.
معادلة أمنية جديدة
يحاول الاحتلال تدارك المستجد بصياغة معادلة أمنية وفق تطور المقاومة الفلسطينية، لأن كشف هذه القوة وملاحقتها وقتل وإصابة من فيها في حينه، لم تقف تداعياتها فقط عند الحدث اللحظي فقط، بل يمتد لمكونات العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، والآن بات الجهد الأمني لدى الاحتلال، مهددا ومكشوفا وفي خطر، ويدرك قادة جيشه تطور ذلك ويضعونه في الحسبان، ولذا يطورون من أدواتهم وأساليبهم في مساحة ضيقة جدا لتنبه ويقظة ونطور القسام، ففي ذات الوقت، فإن المقاومة الفلسطينية واستخباراتها تطور من عملها وتوسعه نوعا وكما، وباتت تعرف الكثير عن الجيش الإسرائيلي، وتحركاته وقادته وتشكيلاته وعن المسؤولين وأسمائهم وصفاتهم وأرقام هواتفهم وعناوينهم.
ما حققته كتائب القسام في حد السيف من تفوق استخباراتي وعسكري نوعي، على نخبة الاحتلال المتخفية، اكدته في معركة سيف القدس، بقدرة استخبارات القسام من كشف وإفشال خطة المترو باستدراج مقاتلين القسام، وقصف المناطق التي استهدفها الصهاينة بخديعتهم الفاشلة، وادعاء قتلهم لمئات المقاومين، فأطلقوا الصواريخ بكثافة جنونية، واكتشفوا انهم ضربوا أرضا فارغة لا يوجد فيها مقاتل واحد، مما أربك قادة العدو ووضعهم بصورة مضحكة، وظهروا كالسذج وهم يروجون لانجازات وهمية.