مقالات

الهمة نحو القمة

الهمة العالية

أيها الإخوة الأحباب
أيها الأفاضل
أيتها الفضليات
علمنا ديننا أن نسعى للعلياء دائما، ولا نقبل بالدون، ولا بالتواضع في السير نحو القمم،
تعلمنا ذلك ابتداءً من سورة الفاتحة، التي نقرؤها على الأقل في كل يوم وليلة في الفرائض دون النوافل سبعة عشر مرة، ونقرأ قوله تعالى (ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ)، فهذا دعاء لله، وطلب منه لأنفسنا، فهل علمنا من هم الذين أنعم عليهم الله، ونطلب منه ان نسير على طريقهم؟
هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله تعالى: (وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤئكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَۚ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰۤئكَ رَفِیقࣰا). فأين يكون هؤلاء الأصناف الكريمة؟ أليسوا هم سكان الفردوس الأعلى؟
ألم يعلمنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن نطلب من الله الفردوس الأعلى؟ (فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلَى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ.)
ويقول الشاعر:
إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم.
ولذلك أيها الأخ الفاضل والأخت الفاضلة،
ليكن أحدنا كالصقر علوا، وليكشف ما دونه، يقول شاعر الشام، سليم عبد القادر رحمه الله:
(أخي في الأفق تلقاني
كنسر سابح تِيها
وأستعلي بإيماني
على الدنيا وما فيها).
ويقول الفاروق رضي الله عنه: ( لا تصغرن همتك فإني لم أر أقعد للرجل من سقوط همته).
ويقول ابن القيم رحمه الله: ( لا بد للسالك من همة تسيّره وترقّيه وعلم يبصّره ويهديه)
وهذا الشاعر ابن نباتة يقول:
حاول جسيمات الأمور ولا تقل
إن المحامد والعلى أرزاق
وارغب بنفسك أن تكون مقصرا
عن غاية في الطلاب سباق
ويقول شاعر أموي:
إني رأيت من المكارم حسبكم
أن تلبسوا خزّ الثياب وتشبعوا
فإذا تذوكرت المكارم يوما
في مجلس أنتم فيه فتقنعوا
نعوذ بالله من هذا فنحن أصحاب الهمم تربينا لنسلك كل طريق لها، ولنتعلم من ربيعة ابن كعب الأسلمي رضي الله عنه عندما قال له صلى الله عليه وسلم (سل يا ربيعة) فقال: أسألك مرافقتك في الجنة. هذه نفس كبيرة صاحبة همة لا تسعى لغير القمم، فأكرم بها من نفوس، وهذا أبو بكر رضي الله عنه يريد المزاحمة والسباق إلى أبواب الجنة كلها، فيقول: يا رسول الله فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم.) وهذا طرفة ابن العبد يقول:
إذا القوم قالوا من الفتى خلت أنني
عُنيتُ فلم أكسل ولم أتبلدِ
ويقول الشاعر المغربي المعاصر علّال الفاسي:
ولي نظر عال ونفس أبية
مقاما على هام المجرة تُطلب
وهذا ابراهيم طوقان يقول:
كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل
وانهض ولا تشك الزمان فما شكا إلا الكسول
واسلك بهمتك السبيل ولا تقل كيف السبيل
ما ضلّ ذو أمل سعى يوما وحكمته الدليل
كلا ولا خاب امرؤٌ يوما ومقصده نبيل
وأختم بقول الله تبارك وتعالى:(أُو۟لَـٰۤئِكَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ وَهُمۡ لَهَا سَـٰبِقُونَ). فسارع أخي جعلنا الله وإياكم من أهل الهمم العالية لنتربع دوما فوق القمم السامقة.
د. شحدة ذيب

مقالات ذات صلة

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى